المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, 2025

مزجٌ يُطاق (قصة)

  رابط موسيقى    لقد أَحَسّ امرؤ القيس بدنوا أجَلِه عند ظعنه الى القسطنطينية، بعدما مكث عند قيصر في قصره البجِل، ولمّا اطمأنت نفسه ثم ارتحل، إذ بإشاعةٍ تنتشر عنه على أنّه يَكِنُّ الحبّ لأبنة القيصر.. فضاق قيصر، وأمَر بقتله بطريقته الخاصة، فرسل سُـترةً مسمومة كهدية، فتقبّلها بقبولٍ حسن، ولبَسِها، وارتحل سفراً، دون ان يعي بقرب ارتحال أجَلِه.. فلما خابت الدنيا في عينه، وبدأت السموم تتسرب في جسده، وتذبذب حركته، قُرِحَ جسده، وثَقُلَت نفْسهُ، فشَعَر بالمنيّة.. ولكن، بينما هو سائراً على أحد التلال، إذ رأى قبراً في قمته.. فسأل عن الميّت، فعلِم إنه لامرأة لا يُعرف عنها شيئاً.. مجهولةً وسط القمة.. ففكر قليلاً، واستلقى بجانب القبر، ناظراً فيها بألمٍ معلول.. فأنشد: أجارَتَنا إنَّ الخُطُوبَ تَنوبُ وإني مُقِيمٌ ما أقامَ عَسِيبُ أجارَتَنا.. إنّا غَرِيبَانِ هَهُنَا وكُلُّ غَرِيبٍ للغَريبِ.. نَسيبُ فإن تَصِلِينَا فَالقَرَابَةُ بَيْنَنَا وإنْ تَصْرِمِينَا ..فالغَريبُ غريبُ أجارَتَنا ما فاتَ لَيْسَ يَؤوبُ ومَا هُوَ آتٍ في الزَّمانِ.. قَرِيبُ ولَيْسَ غريباً مَن تَناءتْ ديارُهُ ولكنَّ مَنْ وا...

يظلُّ أملاً (مقال)

  رابط موسيقي لقد كانَ منذ الأمد، ومنذ الأزمنة الطويلة، أننا علِقنا في سرب النجوم حينما يتعلق الأمر بالأمل، ضوءٌ خافتٌ نتشبث به، ولكن، لمْ نلق في اذهاننا ابدا، أنّ في غسْق الظلام مكانٌ.. ربما.. يحتوي بلونه الخاص على الأمل.. ولكَ في الكونِ الفسيح على مد البصائرُ، ذلك الوجود الأعظمُ.. ظُلْمةٌ تَغْشَى الحياة بأسرها، ويتخلل نور النجوم في كبدها.. إن الانوار تشرقُ عبْر الظلمات، لكنها لا تفعل إلاّ لإنها تشير لنا وتخبرنا: ذلك لون الامل! تلك هي الحقيقة المُرّة، التي تغشانا كل يوم، وكل دقيقةٍ وثانية، لكننا.. لا ننصت، لا نفهم.. بل قيدنا العقول بلونٍ واحدٍ في كون يحتوي على العديد من الألوان، التي تَبهَجُ بالأمل.. وكما قيل" لو لم يكن الليل، لكنا بقينا مقصورين عن رؤية عظمة الصورة للسماء ذات النجوم، وهكذا يجرّدنا الضوء من بعض الرؤيا، والظلمةُ تساعدنا على رؤية الأشياء!" وكما كنتُ اوغل في ذهني تكلفاً: وفي الظلام لعبرات يضمحلها الضوء، وفي الظلام لصوتٌ، قدّه الضوء وأخْفَتَه، وإن من الظلام لسكينة تراعي كيان الانسان وحزنه.. نستيقظُ في رحى الحياة وأنينُها، ونلتقي في ظلّ مسيرنا بأضواءٍ بألوانها الش...

السلام على أخرى.. (نص نثري قديم)

  موسيقى أبَت المليحة إلاّ أنْ تروم (1)  عنّي، وإثر الهوى للتوَّ بالقلبِ نافذُ.. فمضى بعد إملاقٍ (2)  بالحديث ناقصُ.. فرامت إلى قلبي أُخرى ظبيّةٌ، تسهد عيني بها وتؤرّقُ، لم تكن كالمليحة ذو جسدٍ غائرُ، سوى أنّ عينها سهمٌ يصيب القلب ويخدشُ.. فلاحت (3)  عليّ أخرى جميلةٌ، اللعنة كم انا متناقضٌ.. أمَا ندرك المعاني بالنقائضُ؟ قد سئلت نفسي وأجابت نفسي، خُذ ما يحلو من الهوى، للهوى منفذٌ للبَدِن سيّارُ.. ذعنت، ولم لا أذعنِ؟ وقد مسّ الناس فتْرٌ (4)  للجمال المحلّقِ.. متّعتُ قلبي للجمال ولم أقِف، والوقوف يصعبُ حينَ التجرّب، لعلّي أقصُّ شذرات على قَصْرٍ، واللبيب بالاشارة يفهم.. أقْبَلت صهباء قاتمٌ فاهها، كالورد تَفْشِي العِطر حينَ تُقَبِّلُ، فانحنت وبانَ جسدها، تميلُ ميلَ العَلِم المرفرف، نُحَيِّ الأعلام وهي مرتفعةٌ ونفخرُ برمْزهِ الذي يتوسّطُ، فيا رمْزاً قد بَرِحَ بجسدها، ويا عَلَمَاً رفَع قضيبي ليَحُييهِ.. دامَ احمرارك وروْج التقابيلِ.. مضى الوِدُّ وكيفُ يدوم.. ودعجاء (5)   قد دفعتني بعد النفور المنقطع، على السرير تخيّل نظْرَةَ حالي.. فانكشفت ذوائب (6)  شعر...

ران (قصة)

    (ران).. اسم البذلة المدرّعة التي نرتديها حالما تبرز علامات البلوغ، بدايةً من اجسادنا نهايةً الى اصواتنا.. نؤخذ من نواجذنا، ونتربّى على هِمم القادة، وعلى نهجهم، حتى نصبح على طبقة واحد تتماثل في امجادهم، أن نطّلع للعُلا مع تلك النجوم المتلألئة، في حكومة واحد لها مرامٍ مختلفة، وسياسةٍ واضحة.. (ران) الإعجاز البشري القائم على التفوق العسكري القاسي، والمؤهل للنصر أينما رسا..   قبل ارتداء البذلة، نودّع اهالينا، ونجرّب كل ملذات الحياة شريطة ان تمسّ اجسادنا، ونأكل الأطعمة من كل صنفٍ ونوع.. كأي انسانٍ طبيعي. وبعد ارتداء البذلة، نُمسي أناسٍ غير الناس، بأجسادٍ غير الأجساد، بعقول وقلوب كلها تكونُ مقفولة، ومفتوحةٌ لتوجيهات الأوامر فحسب.. فالتغذية تتم عبر الانانيب، والتنظيف عبر وعاء ضخم ندخل فيه فيلج بين مسامات في البذلة تخِصُّ تنظيف الجسد، إنما يتبقى الوجه عارياً دون تغطية سوى إن كنّا في مهمة او ما شابه.. ولا تُرتدى البذلة إلا في انتهاء النهج الدراسي. يمكن ان يتساءل المرء عن توقنا لحياةٍ عادية، او ان نكون بلا (ران)، ولكن، تلك التساؤلات تتلاشى حالما نُضَع على مهمة او إفادة، او حتى ت...

رسالة..

  موسيقى " دائما وابداً، أحببتُ يدي عندما تنفذ ليدها، حتى تبدأ يدانا تهرق العَرق؛ نتيجة الالتحام، نتيجة الالتصاق، ما ينجم عن هذا الأثر الملموس سوى أننا متحابان لا نريد فراقاً، ولا نريد من الدنيا كلها إلا أن نكون بالعينين نلتقي، وبالأجساد نحتضَنِ، وبالأيادي نقْبضِ.. إنها تحتضر، وتحاول ألا تلفظ آخر أنفاسها أمامي، بيد أني اريد أن أرى كيف لدنيةٍ ملعونةٍ، ان تنزع من كل الناس ما يمثّل الناس كلهم عن نبرة الحب.. أن يصيب القدر الانسان الذي إن همد، خمد الوجود بأسره، وفي كل شيء بعدهُ يعُدُّ محاولةً لإرجاع نفس المصير الذي فنى.. تبتسم، وتجاهد ألا تغلق عينها، لعلمها أنّي أسيرٌ لعينها، ففي حضرة المَنى، يريد المرء ان يُبقي ما يزيح هموم الذي يُحِب، حتى وإن آل الحِمام يجانب بدنه.. تضحك فتعسل، لعلمها بأني اترفق على غضبي إثر ضحكتها، فما يدخل من ضحكتها ويمازجها إلا وكأنّ زقزقة العصافير رُكّبت مع ضحكة إنسان فرِح، فهي صوتٌ يُغرّد وصوتٌ يُفرّح.. تلمس اناملها برفقٍ على عُنقها وتنخل بين خصلات شعرها، فعِبْقَها يفوح عن أثَرَين أتداوي بِهما، جيْدٌ مٌلفّت وشعرٌ مُذهّب.. ارادت ان ألتمس أثرَها لآخر مرة، أن اقبض ...