الحب في مقابل الكُره (مقال)
وكيف كتمان حبٍّ يُخفى باللقى؟ لقد لذَعَنا هذا لاستجابتِنا بالحبّ، وما كنّا على هيبته أن نُخْفيَه..
ويا حبّذا لو كتمناه.. وإن كان يحمل في ذاته هالة، تعجِزُنا عن ضمْرِ ملامح وجيهَنا، وإشراقة أنفاسِنا، وبهاجة ارواحِنا.. حينما يلِحّ فقط بالظهور.. وهل من النور فقط.. نرى الحق؟
حينما لامست الحب، وشعرت به، أدركت انه يستلزم التضحيات، بنفسك، او بعملك، او حتى.. بحياتك..
فقد اراني الحب، جانباً مُشْرِقاً، يحيدني عن ظلمةٍ في حقيقتُهَا، تطمس غرور هذا النور.. وزاولت النّفس بالنّفس الحبيبة، حتى كَلَتَ نفساً واحدة، تشرق معاً، وتظلم معاً.. هذا.. ما اعتقدته في الحب، وهذا، ما جعلني اعيد نظرتي فيه، لآخر مرة..
إنني آمنت في الحب، وآمنت في طهارته، وآمنت في بنائه الذي يشيّد به الحياة.. ولكن، ادركت انه طاقة، تستنزف كيان الانسان كله، حتى يمسي لإنسان آخر، هو هو بذاته.. فينسى نفسه هذا الانسان، ويغفل عن حقٍ قد حجب في عنفوان هذا الحب.. حقّ نفسه الوجودية..
إنما الحب سُبْحَةٌ قد فرِط عقدها، لشخصٍ آخر.. وفَقَدتَ انتَ سُبحَتك الخاصة!
لقد سلبني الحب نفسي، حتى صرت اجزم، إني ما عدت نفسي القديمة.. بل حتى صرت ما اعرفها!
إنما استهلكت نفسي لحساب نفْسٍ أخرى، لمددٍ طويل، ونور شاسع، ولكن لا يستمد ضوئه من الشمس!.. إنّ هذا الضوء، مستمدٌ من الحب، الذي انبثق في فتوّي حتى يسقطني، فما المح من ضوئِه سوى بسناه الحارقة! والتي لا تقدر أيّ عين النظر إليه..
فادركت الظلمة على اسوداد الدجى، فغشاني من كل الوجود، إلا ذاتي، فبتُّ أخيراً، أرى نفسي، بالرغم من انعدام الانوار، إلا انني بتّ اشعر فيها، لإن الظلمة فَصَلَت بيني وبين كل شيء، وما أيقنت منها إلا اني وحيدٌ، ونفسي لنفسي فقط..
أنا.. أيقنت.. ان الظلمة هي الحب الذي اردت ان ارتمي اليه، اللطف المستور بعناية فائقة، والتي تحبس منهُ الكلمات وتبرز منهُ المشاعر، وتنهمر على هفوّها الدموع..
أما نرتاح لهذه الدموع؟ أما نرتاح لهذه الظلمة العظيمة والتي تبيد كل الانوار تاركةً نفسَك لنفسِك؟ ولِما اذاً ينسبون الكُره في السواد المظلم؟
لا بأس.. بعض البشر ينأون عن فكرة العيش لنفسهم، ومن اجل أنفسهم.. إنهم لا يريدون الموت إلا مع الحب، وبالحب هم عاشوا.. وبالحب هم خُذِلوا!
أمّا الكره، فهو الغذاء الوحيد للنّفس، والذي يقي شر جلّ البشر، إن الكره، هو الحب المثالي للهناء في حياةً سعيدة، بعيدةً عن البشر، ويمكن ان تكون قريبةً كذلك..
اذاً، الكره، والظلام.. هما ما يمكن ان يعيش الانسان لنفسهِ.. لإنه يعيش لنفسه فحسب.. بعيداً عن ترهات هذا العالم! والحب!
تعليقات
إرسال تعليق