سِر (قصة)
إن الأموات ينظرون من السماء لأعين الناس، وما يؤرقني في هذا أننا لم نرمي بصرنا في غمرات السماء، لعلّ نجماً يحيد بجماله عنّا ليكشف لنا حبيباً فقدنا او كريها تلافى.. إنني اشتهي ان اطير في السماء، واحلق بجانب سرب الطيور، واطفو عائماً بين الأرواح الطاهرة، والنجوم المتلألئة، والقمر المنير، والغسق المهيب.. في طيّات هذه الدنيا أتمنى أجد دنيا غير دنيتنا، وحياةً غير حياتنا، واشياءٌ تشابه شجرة الحياة بيْد ألا تكون شجرة.. أمَلُّ دوما من عادات الأشياء سوى إنّي لابدٌ على عيشها، ولا أنزع على تركها، لقد جُبلنا عليها جميعاً، ولكن.. وفي لجّة القلب وخضخضته، تلبث درّة وحيدة، تغني بصوتٍ خافتٍ، عن عادِةٍ ليست كعادتنا.. الدرة التي تهمس: أنا ما تريد.. فخذني وهُبني الى حضنك، الى قلبك.. في شق الصباح من اضاءة الشمس، سرتُ خارجاً من منزلي متجهاً الى سيارتي، ومستمعاً لزقزقة الطيور وهي تغرّد، ولقد اضافت مع فلق الإصباح الأشجارَ الخضراء حول الحي، الجنة التي يريد بها المرء ان يتأملها على الأرض، ويسكنُ منصتاً للأجواء الهائمة في كل الأركان.. زفرتُ هواء رئيتيّ بقوة، تلتها ابتسامة راعتها السكينة، قبضت على مقبض باب السيا...