المشاركات

عرض المشاركات من 2024

سِر (قصة)

إن الأموات ينظرون من السماء لأعين الناس، وما يؤرقني في هذا أننا لم نرمي بصرنا في غمرات السماء، لعلّ نجماً يحيد بجماله عنّا ليكشف لنا حبيباً فقدنا او كريها تلافى.. إنني اشتهي ان اطير في السماء، واحلق بجانب سرب الطيور، واطفو عائماً بين الأرواح الطاهرة، والنجوم المتلألئة، والقمر المنير، والغسق المهيب.. في طيّات هذه الدنيا أتمنى أجد دنيا غير دنيتنا، وحياةً غير حياتنا، واشياءٌ تشابه شجرة الحياة بيْد ألا تكون شجرة.. أمَلُّ دوما من عادات الأشياء سوى إنّي لابدٌ على عيشها، ولا أنزع على تركها، لقد جُبلنا عليها جميعاً، ولكن.. وفي لجّة القلب وخضخضته، تلبث درّة وحيدة، تغني بصوتٍ خافتٍ، عن عادِةٍ ليست كعادتنا.. الدرة التي تهمس: أنا ما تريد.. فخذني وهُبني الى حضنك، الى قلبك.. في شق الصباح من اضاءة الشمس، سرتُ خارجاً من منزلي متجهاً الى سيارتي، ومستمعاً لزقزقة الطيور وهي تغرّد، ولقد اضافت مع فلق الإصباح الأشجارَ الخضراء حول الحي، الجنة التي يريد بها المرء ان يتأملها على الأرض، ويسكنُ منصتاً للأجواء الهائمة في كل الأركان.. زفرتُ هواء رئيتيّ بقوة، تلتها ابتسامة راعتها السكينة، قبضت على مقبض باب السيا...

الحب في مقابل الكُره (مقال)

وكيف كتمان حبٍّ يُخفى باللقى؟ لقد لذَعَنا هذا لاستجابتِنا بالحبّ، وما كنّا على هيبته أن نُخْفيَه.. ويا حبّذا لو كتمناه.. وإن كان يحمل في ذاته هالة، تعجِزُنا عن ضمْرِ ملامح وجيهَنا، وإشراقة أنفاسِنا، وبهاجة ارواحِنا.. حينما يلِحّ فقط بالظهور.. وهل من النور فقط.. نرى الحق؟ حينما لامست الحب، وشعرت به، أدركت انه يستلزم التضحيات، بنفسك، او بعملك، او حتى.. بحياتك..  فقد اراني الحب، جانباً مُشْرِقاً، يحيدني عن ظلمةٍ في حقيقتُهَا، تطمس غرور هذا النور.. وزاولت النّفس بالنّفس الحبيبة، حتى كَلَتَ نفساً واحدة، تشرق معاً، وتظلم معاً.. هذا.. ما اعتقدته في الحب، وهذا، ما جعلني اعيد نظرتي فيه، لآخر مرة..   إنني آمنت في الحب، وآمنت في طهارته، وآمنت في بنائه الذي يشيّد به الحياة.. ولكن، ادركت انه طاقة، تستنزف كيان الانسان كله، حتى يمسي لإنسان آخر، هو هو بذاته.. فينسى نفسه هذا الانسان، ويغفل عن حقٍ قد حجب في عنفوان هذا الحب.. حقّ نفسه الوجودية..  إنما الحب سُبْحَةٌ قد فرِط عقدها، لشخصٍ آخر.. وفَقَدتَ انتَ سُبحَتك الخاصة! لقد سلبني الحب نفسي، حتى صرت اجزم، إني ما عدت نفسي القديمة.. بل ح...

اللحظةُ المُرادة (قصة)

موسيقى   يسير رجلٌ على إحدى المسارات الخضراء والمتشبعة بجذور النباتات العالقة في أرصفة الطريق، الى ان يصل لجسرٍ تفصل مسافة قمته على النهر الخمسةُ امتار.. وقف في منتصف الجسر وظل ينظر معانياً ذبذبات النهر الهادئة، والتي تسكن في ذبذبتها كل شخصٍ ملتج.. وفي ركنٍ من اركان المشهد، دلفت امرأة نحوه حتى باتت قربه قائلة: لقد مكثت في موضعك قرابة النصف ساعة، تتأمل مالا نتأمله، وتشهد مالا نشهده، أفي ذلك المنظر الخلّاب شيئاً خارجاً عن خلابته؟ نظر الرجل لها وابتسم قائلا: بلى، إنما تتفاقم الذكريات على مواضع أحيانا، علّها كانت ذكرى رابضة في نهر، أو (نظر اليها) في بيتٍ يُحرق.. صمتت المرأة برهةً ثم: لأكون صريحة، كنت قلقة بأن تقفز.. ضحك الرجل: أقفز! وإن فعلت المسافة ليست كافية لتقتلني.. المرأة: اعلم، ولكنّ مشاعر الانسان هموم تتحكم فيه، ويقفد عقله الوعي. الرجل: إن المنتحر يخطط في انتحاره، صدقيني إذا اردت الانتحار لن اقفز في مكان كهذا.. تبتسم المرأة: أرحت قلبي، اذاً سأتركك في سبيلك، واتأسف عن ازعاجك. الرجل: لن أقبل اعتذارك. المرأة: اذاً لابد ان أمضي الى شيءٍ يقبله. الرجل بابتسامة: ما رأيك بقصة؟ قصة...